الجمعة، 11 أكتوبر 2013

مراحل نمو الطفل: من عمر السنتين إلى الثلاث سنوات

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقتطف من كتاب "150 طريقة لتنمية ذكاء الطفل" (الصفحات: 61 إلى 65)

تتطور قدرات الطفل بشكل كبير خلال هذه السنة، على العيد الفكري والاجتماعي والانفعالي.

سيدرك أنه إنسان صغير مستقل بذاته ويكتشف نفسه، لكنه يواجه بعض الصعوبات. يعترض الطفل كثيرا في هذه المرحلة، فهو يريد أن يعرف الحدود التي يستطيع بلوغها كما يريد أن يفرض إرادته. لكنه مع مرور الوقت وبالكثير من الصبر، يتقدم ببطء ليكتسب قدرة السيطرة على انفعالاته فتقِلّ نوبات غضبه.


ماذا تفعلين بانتظار ذلك؟
  • تصرفي معه بحزم ولكن بلطف.
  • أظهري له الحنان وشجعيه دائما.
  • دعيه يُنجز بعض الأمور بنفسه إذا كان ذلك ممكنا.
  • عبري له عن فخرك به لأنه يصبح شابا كبيرا.
  • أعطه بعض الحرية في اكتشافاته، مع حمايته من الأخطار التي لا يدركها بعد.
  • وفري له الإحساس بالأمان عن طريق المحافظة على نمط معين في الحياة اليومية، أوجدي له روتينا خاصا.

عندما يكتسب الطفل بعض الاستقلالية ويبدأ بالمطالبة بها، يحين الوقت لتعليمه كيفية العناية بجسمه ثم تركه يفعل ذلك بنفسه.
يصبح قادرا خلال هذه السنة على تنظيف أسنانه ويديه ثم كامل جسمه، تحت إشراف أحد الكبار. ويستطيع أن ينزع ملابسه ويلبسها إذا سهلنا له الأمور.

يحاول أن يتشبّه بالكبار فيشارك سعيدًا بترتيب ألعابه، والقيام بالأعمال المنزلية وتصليح الأشياء المحطّمة وكل اهتمامات الكبار المنزلية. لكنه يحتاج أيضًا لبعض الوقت ليلعب وحده ويبتدع قصصًا وهمية.

إذا كانت مشية الطفل وحركاته لا تزال غير ثابتة، فسوف تتحسن كثيرًا بفعل التمرين الدائم. يحب الطفل القفز والتسلق والانزلاق والركض. تُؤمِّن الكرة تمرينا ممتازًا لليدين (بفعل حركتي الرمي والالتقاط) والقدمين. لكن يصعب على الولد التقاط الكرة لأن ذلك يتطلب تناسقاً جيدًا بين حركة العين واليد معاً. بالمقابل تشكل هذه السنة الوقت المثالي لتعلم ركوب الدراجة ثلاثية العجلات.

تصبح يدا الطفل أكثر مهارة فيستطيع القيام بألعاب كثيرة تؤدي إلى تمرين قدراته. ما أن يمسك القلم بطريقة صحيحة، حتى يعمد الطفل إلى الرسم ويُحسّن خطوطه بسرعة. لتشجيعه على ذلك، يمكنك أن تقترحي عليه تحضير هدايا صغيرة لمن يحبهم، فتعطينه مواد وأدوات مختلفة ليستعملها (مقص، مادة لاصقة، ألوان، إلخ...) وتطلبين منه أن ينجز أشياء مبتكرة، كأن يصنع عقداً من اللؤلؤ المزيف أو حبات المعكرونة، أو يرسم على زجاج النافذة بلوح صابون مبلل ثم يساعد على شطفه، أو يلصق على الزجاج صورا... كل دلك من باب اللعب لكنه يتعلم الكثير بهذه الطريقة.

يستمر النمو الفكري بتأكيد أيضا:
  • تنمو عند القدرة على المثابرة والتركيز، إذ يستطيع الاستمرار طويلا بعمل واحد ويتقدم كثيرا في المجالات التي تهمه.
  • مفهوم الكمية لا يزال مبهما بالنسبة إليه: لا يعرف سوى "واحد" و "كثير" ثم تظهر كلمة "اثنين".
  • لكن أهم ما يطبع هذه المرحلة على صعيد فهم الأشياء، هو القدرة على التمييز بين الأشياء وتصنيفها حسب الشكل واللون. إذ يستطيع الطفل أن يميز المربعات من الدوائر وأن يكدس كومة من كل منها. كذلك يميز الألوان: الأغراض الزرقاء معا والحمراء معا، كما يتعلم أن يسميها أيضا.
  • أهم الوظائف الفكرية التي تتطور في هذه السنة هي طبعا القدرة على الكلام. في بداية السنة تقتصر جمل الطفل على كلمتين أو ثلاث، وغالبا ما تكون مبهمة بالنسبة للذين لا عهد لهم بالأطفال.

لكنه يتقدم بسرعة، فمع بداية السنة الثالثة يبدأ بطرح الأسئلة التي لا تعد ولا تحصى. ومن الضروري جدا أن نردّ على هذه الأسئلة لأنه يجب المحافظة على فضول الطفل لما له من إيجابيات. تساهم الأجوبة الصادقة، ليس فقط في تطوير معارف الطفل بل أيضا في تأمين استقراره العاطفي. فيشعر في قرارة نفسه أن أمه وأباه بقربه، يهتمان به، يفهمان الدنيا ويشرحانها له.

بانتظار تلك المرحلة، غالبا ما يسمع الأهل العبارات التالية: "لا" و "هذا لي" و "أنا وحدي" إلخ... لا يقصد الطفل الرفض فعلا في كل الحالات، بل يسعى من خلال هذا إلى إثبات وجوده، ويجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار.

عندما يتكلم الطفل عن شيء يراه، نستطيع تكرار حديثه مع إضافة بعض التفاصيل. مثال على ذلك:
  • إذا قال: "أنظري، هذا كلب !" أضيفي "نعم أترى كم هو كبير؟ هذا النوع من الكلاب يسمى بولدوغ".
  • أو إذا قال: "ذهبت الكرة" أضيفي "نعم، أترى؟ تدحرجت كرتك الصغيرة تحت الكنبة. تمدد على الأرض لتبحث عنها".

المطلوب هو إغناء مفردات الطفل بمعانٍ جديدة، وصِفات متنوعة، وبكلمات تدل على الوقت أو المكان (البارحة، في هذه الأثناء بعد قليل، إلى جانب، تحت، في الوسط...).

يحب الطفل الكتب ويصبح قادرا على قلب الصفحات. استغلي ذلك وأعطيه كتبا أو اقرئي له قصصا. تصفحا معا كتبا مصورة أو تلك التي تعتمد الترتيب الأبجدي في الصور: إنها طريقة مسلية لتعليمه المفردات. لا تكتفي بأن تقولي له: "أنظر إلى الهرة" بل أضيفي "أنظر إلى الهرة الرمادية، بعقدها الجميل حول عنقها". القصائد والقصص المسجّلة ستساعدك كثيرا.

أخيرا، في مجال الكلام عن التطور الفكري، يبدأ الطفل مع اقترابه من السنة الثالثة بفهم بعض القواعد والامتداد الزمني للأحداث. يسمح له ذلك بفهم الألعاب التي تتطلب أن يلعب فيها كل شخص بدوره وفقا لقاعدة تسري على الجميع. كما يساعده ذلك على تحديد موقعه من الزمن، من خلال تلك المعالم الأولى التي تشكلها الأوقات المختلفة من النهار، والأيام التي تشكل أسبوعا.

لا يجب أن يغيب عنا أن الطفل لا يتعلم بعقله فقط بل بحواسه. من الخطر جدا أن نركز على طريقة فهم فكرية بحتة على حساب الحواس الأخرى. إذا تعلم الطفل استعمال حواسه الخمس لا يستفيد فقط على صعيد التعلم والاكتساب، بل يجد في ذلك متعة كبيرة أيضا.

في البداية، ينبغي لفت انتباه الطفل إلى الأشياء التي لم يرها أو لم يسمعها لأنه لم يكن ينتبه لوجودها: تغريد العصفور، صوت طائرة تمر في الجوّ، ومر للنمل... إذا أظهرنا بعض الحماس يمكن أن نثير اهتمام الطفل بكل ما يحيط به، سواء كان عاديا أو غير اعتيادي. مثل منظر مدينته في الليل أو شكل الثلج المتساقط. عندما يبدأ الطفل بالتنبه للتفاصيل والروائح والأصوات وملمس الأشياء، يفتح باب اكتشافات واسعة، وعندها تبدأ ولادة الفكر العلمي.

يصبح الطفل في هذه السنة الثالثة أكثر قدرة على اللعب مع أطفال آخرين وتتطور قابليته الاجتماعية كثيرا. يستطيع، عندما يبلغ السنتين والنصف، أن ينظم ألعابا بسيطة مع رفيقين أو ثلاثة، يريدون بدورهم أن يقرروا قواعد اللعبة بأنفسهم، الأمر الذي يفسخ الشراكة بسرعة.

يقوم الطفل، وحيدا أو ضمن مجموعة، في هذه السنة والتي تليها، بألعاب تعتمد على الخيال والتقليد وتتحسن بشكل مطرد.

يبتكر أحيانا قصصا خيالية، وشخصيات ورفاقا وهميين. وأحيانا أخرى يقلد الحقيقة ويدّعي أنه رجل إطفاء، أو راعي بقر أو راقصة أو أم لها عائلة كبيرة، وهو يفعل ذلك باقتناع مدهش.



-----------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق